"الثورة"
تلك "الكلمة" التي أصبحت الأشهر الآن على ألسنة "شعب" ليس في تاريخه صلة حقيقية بها أو حتى بأي من "مشتقاتها" ... اللهم الا بعضا من "الإثارة" التي أصبحت تملأ عليه شاشات الفضائيات أو برامج "التوك شو" هذه الأيام ! ... فهذا "الشعب المصري" يعيش لأول مره تفاصيل و يوميات "ثورة" اقول انها "حقيقية" .............. ارجو الا تتسرع لتثبت "زيف" ادعائي و "عمق" جهلي ... فتخرج لي المئات من الأدلة القاطعة التي تستقر في كتب "مركز تطوير المناهج و المواد التعليمية" التابع "لوزارة التربية و التعليم" !
"فالثورة" التي أعنيها هي انتفاضة شعب .. و ليست انتفاضة على شعب .... فهي ليست انقلابا عسكريا من بضعة أفراد في جيش
سموا انفسهم "الحركة المباركة" ثم اتصلوا بالشعب ليخبروه بما فعلوا عن طريق "الراديو" فبارك الشعب .. فأطلقوا عليها بعد ذلك "ثورة" فبارك الشعب .. و وعدوا ابناء الوطن انها من اجل الحرية و تاسيس الديموقراطية و اقامة لمدنية سلطة منتخبه و ...... فبارك الشعب ... حتى جددوا المعتقلات و زينوها و اسسوا للديكتاتورية و برروها و أقروا حكم العسكر و نفذوه و ...... فبارك الشعب !
_فالتاريخ مثل المستقبل ..... مجرد وجهة نظر_.... هذا ... الشعب ... لم ... "يثور" ... من ... قبل ............ ربما كان أحيانا "يفور" عند درجة "غليان" معينة لا يصل اليها الا إذا ارتبط الأمر بـ "أرضه" التي يعتبرها كـ "عرضه" ..... فبنظرة بسيطة على "الفورات" في مصرنا ..... ستجدها حتما قد ارتبطت اما باستعمار او احتلال (ظاهر بيَن واضح) من عدو (محتل غاصب غاشم) ...... هنا فقط ستجد هذا "الشعب" ينتفض ليسطر صفحة جديدة في تاريخ النضال الشعبي ليعلم البشرية دروسا في الوطنية و يرسم صورة متفرده تجسد "شراسة" لم توجد في أي من شعوب الأرض ... صورة تجسد هذا "الشعب" الأبي و هو يفتك بالعدو الذي احتل أرضه مهما طال عليه الزمن ...
"الأرض"
"القيمة الأكبر" ... عند المصري على مر تاريخه .... فالمصري الأصيل هو مزارع يعشق طين الارض و يعشق ماء النيل الذي يرويه ...... فالارض هي الحياة هي الأكل هي الشرب هي المال هي عمل ايدي و اني مش محتاج حاجه من حد هي الامان هي الاستقرار و الطمأنينة هي الامل في مستقبل اولادي من بعد الممات ..... هذا هو المعنى الفطري البسيط ... اما بالمعنى الاوسع .. معنى "الوطن" فهو امتداد طبيعي لتلك المفاهيم التي تعمقت في "شخصية مصر" عبر آلاف السنين ..... "فالاستعمار" و "احتلال" الارض .. قد يترتب عليه الكثير من استنهاض العزائم و استنفار الطاقات التي سبق ذكرها فلا يهدأ حتى يدفع المعتدي "فاتورة" ما ارتكب غاليا فيعود المصري الى حياته آمنا من جديد ....
"الانسان المصري" في ال 100 سنه الاخيره دخلت عليه الكثير و الكثير من المتغيرات كغيره من بني جنسة في هذا العالم ..... في افكاره و في سلوكه و في طباعة و في طريقة حياته و نمطها ....... ليس هنا مجال لتقييمها "حلوه او وحشه" _لان الكلام في هذا الموضوع يطول_ ... لكن دعونا نقول انها في اخر الأمر "متغيرات" طرأت بقوة على "الشخصية المصرية" و لابد من التعامل معها كجزء من تغير انسان هذا العصر بشكل عام ... فقد تغير تعريفه لمصدر "الاكل و الشرب" .. تغير تعريفه "للمال" .. تغير تعريفه "ماذا هو عمل ايدي اللي ما يخلينيش محتاج لحد" .. تغير تعريفه "للامان و الاستقرار" .. تغير تعريفه "للأمل" في مستقبل أولاده بعد الممات ........ تعقدت التعريفات و اصبحت اكثر تركيبا .. و لم تعد "الأرض" فقط هي الموضوع .
دخل مرحلة اكثر تعقيدا من "الأرض" ... و أصبح شكل الدولة "الحديثة" يركز "السلطات" في يدي "اشخاص" معدودين و بشكل "مركزي" للغاية بصلاحهم ينصلح الاساس و بفسادهم يفسد الاساس ... فيجعله يتحكم في ادق تفاصيل حياة "المواطن" العادي في الوطن كله على امتداد اطرافه .. من سكنه الى طبيعة عمله و عدد ساعاتها الى المواصلات و ايضا الملبس و اسعاره و اشكاله و في استطاعة من يشتريه حتى الكلام في سعر كيلو الطماطم ... سياسة ! ...... فعن طريق التشريعات و القوانين المنبثقة من العقد الاجتماعي المسمى بالدستور ..... تتحد طبيعة حياة الناس .. و نمط حياتهم .. و رسم لخريطة احلامهم و طموحاتهم و همومهم و ابداعاتهم و احباطاتهم و ............ فعلى سبيل المثال: تحديد المسار الاساسي لإقتصاد البلد ........ فهل هي "بلد زراعية ام صناعية ام سياحية ام مهلبية .... " فلو كانت زراعية مثلا .. ستجد الاهتمام اصبح منصب على استغلال الميزة الزراعية للبلاد و تطويرها ... و ستجد ان القوانين التي تسنها الدولة تجعل من الزراعة مجالا ينجذب له الناس كبيرا و صغيرا و يصبح محفز للعمل و التخرج من كليات لها علاقة بمراحل الانتاج الزراعي ... بدايا من الارض و الحبوب مرورا بمراحل الزراعة ذاتها و التصنيع و .... و انتهاءا بالتغليف و التصدير و فتح الاسواق العالمية و دراسات علمية في كيفية التوسع و .............. و ستجد الان الزحف البشري سيكون واضحا على ذالك المجال _الذي اصبح مميزا_ و ستصبح القاهرة ليست بهذه المكانة الوهمية التي يسعى اليها كل مصري في ارجاء المحروسة ليحصل على المال تأمين الحياة !.... و ستنشأ مجتمعات جديدة ليست بهذه العشوائية المقيتة التي توجد في القرى ... بل ستنظم و يعاد تخطيطها بتوزيع الكثافات السكانية بشكل مدروس يحقق معادلة خاصة ... تستغل المميزات و تعالج العيوب ..... و هكذا ......... و بعد كل ذلك .. اجب في اقل من سطرين مع التعليل: ماذا تمثل الزراعة في "مصر" الآن ؟!
"مصر"
ذلك "الوطن" العجيب الذي يأخذ بعقول و ارواح من يزوره .. فضلا عن من يولد بين أحضان ترابه .... ذلك "الوطن" الذي تغنى في حبه من هم من الشرق و الغرب على مر الزمان ... ذلك الوطن الذي نضحك فيه من آلامنا و تؤلمنا بعد ذلك ضحكاتنا ... الوطن الذي اجتمعت فيه متناقضات الدنيا فولد حبه معنا بشكل فطري غير مبرر ...... ذلك الوطن الذي يحمل شبابه بداخلهم حاجات يقولون انها ستغير وجه الكون احلام ألوفات ألوفات و هنلها و فين ما تكون ;) ....... ذالك الشباب الذي فتح عينية على عالمين متوازين في نفس الوقت و هم يتعرفون على هذه الدنيا التي أقبلوا عليها ... عالما يعيشه في واقعة و عالم "افتراضي" اخر يعيشه خلف شاشات "الكمبيوتر" ..... عالم يجد فيه السعة التي تستوعب احلامه المتدفقة و طاقاته و ابداعاته و افكاره بدون قيود او رقابة او لوم ....
عالم "الانترنت" عالم سكن فيه اغلب الشباب و وجدوه وطنا موازي ... وطن "الأزرار" فيه تتحول الى سيل من "الأفكار" ...... يشاهدون العالم من حولهم و يدخلون ليشاهدوا شوارع "باريس" و "مدريد" و "منهاتن" يتعرفون على غيرهم من البشر ... كيف يعيشون ... ما هذه البلاد التي يفضل مدير شركة عملاقة ان يذهب الى عمله في "مواصلات عامه" !! ... ما شكل هذه المواصلات العامة .... يا ربي !!! لماذا بلادهم مختلفه عن بلادنا الى هذه الدرجة ؟! .... تجربة قديمة مكرره ... هل استطيع ان اتحدث مع اناس من حولي في العالم على ال (آي.سي.كيو) ؟! ..... نعم .. تبدأ في الحديث مع احد "الامريكان او الانجليز او اي من هؤلاء" ... تجده ينهي معك الاتصال لمجرد انه عرف انك من "مصر" !!! .... لماذا ؟!! هل نحن مجتمعات متخلفه ... الحقيقة: اننا نحن "المجتمعات المتخلفة" بعينيها ...!!! ....صدمات تعرض لها هذا الجيل المسكين ..... و تفجرت بداخله اسأله كثيرة مكث طيلة العقد الماضي يبحث عنها بينه و بين نفسه و انشأ مجتمعا و وطنا موازيا ... و جبلا من الاحلام و الطموحات لهذا البلد ..... و كل ذلك انتج حاله عبر عنها المبدع العم "جلال عامر" حينما قال : مشكلة "المصريين" انهم يعيشون في "مكان" واحد و لا يعيشون في "زمان" واحد !! ...... جيل لم "يتغرب" بل هو يحيى على ارض هذا الوطن و كما قال العبقري "جمال حمدان" معرفا "الجغرافيا" انها ظل الأرض على الإنسان ... كما أن "التاريخ" هو ظل الإنسان على الأرض ...... فتاريخ تلك البلد "الحضاري" المتعمق الجذور في تركيبتنا .... الذي نستنشق هواءه و نحن بين ظل اجدادنا الذين تركوه لنا على الأرض من موروثات كانت قد تحولت الى جغرافيا بشرية تنعكس مره اخرى علينا .... فنستشعر حقيقة ارتباطنا بهوينا الثقافية و افتخارنا بها متحققا في قول المصري النوبي الأصيل "منير" حينما قال : بينا يا مصر نحيي الماضي بروح العصر ....
كل ذالك ساهم في تكوين "جيلا" مختلفا ... واقعه المرير جعل عالم "الانترنت" هو "السجن الملون" .... الذي يلجأ اليه كلما ضاق به الحال ... و يعيش حالة من الانفصام ... و اصبحت له "تعريفات" خاصة .. لا تتناسب مع الشخصية المصرية التي كان يصنعها النظام على عينه !!! .... و تمرد عليها في العالم الموازي و استمر على ذلك سنينا تتأصيل فيه فضيلة "نقد الذات" و "نقد الأوضاع" ..... هذا الجيل اصبح "الإستعمار" عنده مختلفا عن آبائه و اجداده .... اصبح يدرك ان "الأستعمار" ليس له دين او بلد او لون معين .... "الظلم" ليس له وطن ... "الإستبداد" ليس له وطن ... "قمع الحرية" ليس له وطن ... "قتل الطموح و الأحلام" ليس له وطن ... "سرقة خيرات البلد" ليس لها وطن ..... اعاد انتاج تعريفات و قناعات خاصة جعلته يرى الدنيا بمنظور خاص به .
"الإستعمار"
" التفكير المحبط" .... امشي جمب الحيط .. اللي يتجوز امي اقوله يا عمي .... اللي نعرفه احسن من اللي ما نعرفوش ... خليك في حالك ... انت هتغير الدنيا؟!! ... احنا كدا كويسين .. احمد ربنا دا في ناس عايشه في حروب و مجاعات !!... ....................... قل ما يعجبك في "معاني الكآبه" و الاحباط و فقد الثقة في الذات و فقد الرغبة في الحياة ... مجتمع يغلب عليه الخرافات ... و يسوده سوء الظن ... هذا المجتمع الذي بنى على ارضه الحضارات اصبح "الانجازات الكبرى" لدية هو حصول المنتخب على كأس الأمم سبعين مره على التوالي !!! و كما يقول عمنا "جلال عامر" ... أخذت "الأندية" في مصر مكان "الأحزاب" .. الخ
"البعبع" ..... مجتمعنا صنع له اكثر من بعبع ... فابتداءا من "امن الدولة" و الخوف العجيب من كل شئ متراقب و تحت السيطرة في تلك الدولة البوليسية .... مرورا بفكرة انا يا الفوضى انا يا الاسلامييين .. عوووو .. انا يا السلفين ... انا يا العلمانيين .. و جو يعني ايه علمانية يعني امك ما تلبسش حجاب ... اي بعبع و السلام ... امريكا .... حروب ... اسرائيل ... عووووو .... اصبح الشخص المصري المصنوع على عين النظام ... بيخاف من العفريت حتى يطلعله .... و لو ماطلعلوش يصنعه و يخاف منه ... كإله العجوى ايام كفار قريش !! فهو شخصية تحسن الصراخ و تجيد الولوله
"دراجة الإنتاج" ! ... سؤال برئ: اين هو انتاج مصر طيلة السنين اللي فاتت ؟ ... مجتمعنا في حقيقة الأمر هو "بصراحة" مجموعة من "المتسولين" _كما قالت نواره نجم و اوافقها الرأي_ تصحى الصبح علشان تتسول علشان تحلل رزقك ... سؤال برئ: هل تحب عملك؟ ... كانت ايه احلامك و انت صغير؟ .... هل تستغل مواهبك في شغل؟ ... فاذا كنت "تعمل ما تحب" يبقى ده اسمه شغل ... لكن لو "بتنطط" علشان "تحب ما تعمل" يبقى ده اسمه "اشتغاله"!!! ..... احينا بتضطر "تقتل بداخلك رغبة "الابداع" لكي تتناسب مع وظيفة .. لا تحتاج اكثر من "حمار بكرافته" ! ... فتبا لعصر "البرسيم" !! ...... الى اي مدى تستشعر باحساس "التور" في الساقية" ... و في الأخر بتلف حوالين نفسك ... و المقلب ان مفيش ميه اصلا .... و بتلف على الفاضي ...... و تذهب لتبحث عن "شغل" .. فتجد رجال الأعمال هم اللي "بيشتغلوك" ... كله علشان يملوا كروشهم و انت مجرد عبد بمرتب علشان تعيش و تقتل ابداعك بداخلك "برصاصة الرحمة" !! ..... اسئلة بريئة كمان: كام عالم مصري بره في اماكن مرموقه في ارقى جامعات العالم ؟ !! .... اي انتاج و اي عمل ... و اللي بيتكلم عن اليابان ... لن اسمع له حتى يعيد قراءة الحروف الابجدية امامي اولا!!! ..... فاليابان ايها الانسان الغيور على وطنك عندها "قضبان" ماشية عليها ... اخرهم بيرجعوا القطر مكانه تاني ... لكن احنا معندناش عربية كرو من الأساس !
كل ما مضى هو "الاستعمار" بعينه و ان كانوا ليسوا بانجليز او فرنساويين او يهود ....... فهم بهذا الشكل واجهه لهم ليس اكثر ....... تعريف اخر لاستعمار مقيت يفسد عليه حياته و يجعله يستعجل بمماته ليرتاح ... ذاك هو "الاستعمار" الذي ينتج "الثورات" الحقيقية ... او يطفش الراغبين في الحياة الكريمة من البلد ...
"المستقبل"
بأيدينا .... و سيكون "أجمل" مستقبل رغم كل شئ ... و الله و الله و الله ... المستقبل اراه بعيني ..... و متأكد ان غيري آلاف بل مآت الألاف بل ملايين يرونه كما اراه و ربما افضل مليون مره ... مفيش حاجه هتقف قدامنا .... لا نظام فاشل و لا مجلس افشل ....... "سلاحك التفاؤل" .... رغم كل "كئيب بن كئيبة" لا يرى الا الظل في وضح النهار ....... رغم كل "مولول" يعشق "الولوله" ويرثها ابا عن جد عن جد ..........
المستقبل لمصر .... و مصر لنا
و نصبح بصباح عم "نجم" و هو بيقول .......................
صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر .... صباح العندليب يشدي بالحان السبوع يا مصر
صباح الداية و اللفه و رش الملح في الزفه ..... صباح يطلع باعلمنا من "التحرير" لباب النصر
"مصر" حلوه يا ولاد ... و اللي بناها كان أجدع حلواني .. رغم كل كئيب
;)