Tuesday, April 13, 2010

ثقافة الطبلة 2

كبقية ابناء جيلي ابتليت بمتابعة تلك التكنولوجية الانترنتية باغلب روتينها اليومي المعتاد .. ابتداء من متابعة الإيميلات مرورا بالفيسبوكيات و انتهاء بالجوجل و التنقل بين صفحات هذا العالم الافتراضي الواسع ....

و لكن ظل يشغل ذهني منذ زمن بعيد نوعيه بعض الإيميلات التي ترسل لي بطريقة دائمة..شبه يومية .. بنفس الصيغة ... بنفس الكلمات .. بنفس الحروف ... بل احيانا من نفس الافراد اكثر من مره .. مع اختلاف طفيف احيانا فى حجم الفونتات او الوانها ... لدرجه اثارت شكوك المكائد ضدي .. فاي ذنب فعله بريدي الالكتروني حتى يفرض عليه غصبا استقبال كل هذا الكم من تلك الايميلات ...

فايميلات من نوعية تلك الابره اللعينه التي ستجدها في كرسي الجلوس حينما يزن عليك شيطانك لتذهب الى قاعة السينما صاله كانت او بلكون لتفاجأ بوخذه عند الجلوس ... فتنتفض لتجد نفسك قد دخلت عالم مرضى الايدز ...و ذلك بورقه مدون عليها تلك المعلومة القيمة حرص على تركها لك من تفضل بعمل هذا المقلب في سعادتك ...

تكرر سؤال بديهي حينما تلقيت تلك الرسالة اول مره_منذ سنوات_... ماذا سيتحتم علي فعله بعد تلك المعلومات الفذه ... هل اترجم الموقف ترجمة حرفية ساذجه فامتنع عن دخول السينما مثلا ... فاجبت نفسي بان من يدفعه غله الاسود لنشر ذلك المرض لا اظن انه سيقتصر حماسه على السينما كمكان لنشر المرض بل سيتعمد تعديه لاماكن اكثر جلوسا ليكثر الوخذ ... اذا فبهذا المنطق وجب على الحذر من كل مكان اجلس فيه ... فاتحسس المكان الذي ساجلس عليه في هوس و تصبح عندي فوبيا من المقاعد .. و اظل بقية عمري واقفا حتى القى الله واقفا .. او يزداد الهوس عندي الى حد افقد فيه ما تبقى عندي من عقل و اسير في شوارع المحروسه اطلق فيها الاستحمام ثلاثا و قد فقدت صوابي تتطاير السوائل من فتحات وجههي و اردد بعته و بلاهه.... "اوعى الابره تغزك..."هل هذا يرتضيه عقل او يتقبله اي منطق ...؟!

ايميلات اخرى شبيهه لا تأتيك الى من الاعزاء فقط او ممن هم حريصون على ايميلات الغير عملا بمبدأ حب لإيميل غيرك ما تحبه لإيميلك .. فيرسلون لك تنبيها يقولون انه من خدمة الهوت ميل .. محذرينك من عزم الشركة الكبرى على انهاء الخدمة المجانية و استبدالها بخدمة مدفوعة الاجر .... اذا فما هي الحيله يا ترى؟ .. الحيله ان ترسل تلك الرسالة القيمة الى 25 فردا او ماشابه ذلك باختلاف الروايات و يتم تحديد تاريخا معينا كموعد اخير لهذا العرض .. و بذلك تكون قد تحايلت بمكر و دهاء على تلك الشركة الساذجه فتستمر مجانية الخدمة ... لن اخوض في تحليل هذا الموقف ... فتلك الرسالة تأتيني منذ سنوات و الغريب ان في كل مره ييتغير التاريخ و يسبقها عنوان كبير يصرخ لاصدقة بان هذه المره جد و ليست اكذوبه كسابقتها و يقسموا بمناخير ابو الهول انها ليست كذلك .... و كلها محاولات لالهاب مشاعرالمصرين .... و لكنها لم تفلح معي كل تلك الحيل .... و لكن العجيب الغريب ان امثال تلك الايميلات مازالت ترسل لي حتى هذه اللحظه ... ربما لولع الاغلبية بالمنخار ...

اخيرا لا يفوتنا تلك الايميلات التي اطلق عليها بعض البسطاء انها دينية التصنيف .. من امثال منام الشيخ احمد المشهور الذي زاع سيطه الى بلاد العالم اجمع ... حتى انه قد صور لي خيالي المادي ان انتحل شخصيته فيصدقني الناس و يفتحها علي ربنا من وسع ... لكن خوفي من تلاقي الافكار الابليسية عند غيري جعلني اتورع عن فعل تلك الفعلة ... و امثالها من الايميلات المبتكره مثل الاتيان ببعض الاذكار الطيبه و يتبعها بوجوب ارسالها لعدد من الافراد و الا ....

فاكتشفت احد اصدقائي الذكور حريص على ارسالها لي فتعجبت من ارساله رسالة تبدو دينية رغم عدم توافق ذلك مع ما اعلمه عن ميوله و اتجاهاته ... فاذ بي اكتشف في اخر الايميل ان التهديد ليس بالهين فهو يحذره اذا تهاون في الارسال فقد يكون عرضه لضمور في عضلات البايسيبس او البنش او كليهما اذا زاد الاصرار ... و زاد علمي بشدة وطأتها على صديقي لمعرفتي المسبقه بقرب فصل الصيف و استقبال نفحات مارينا المباركه .... او اجدها تاتي من احد بنات حواء ... فاذ بي اقرأ في اخر الايميل تهديدا معاذ الله بالعنوسه ... فاكتفي بذلك مبررا لارسالها الايميل ...

كل ما سبق و امثاله الكثير له ابعاد كثيره ليس في المجتمع الافتراضي الانترنتي فحسب بل هو انعكاس حقيقي لثقافة اصبحت سائدة بقوة بيننا كشباب ... و هي ثقافة الطبلة ... فالطبلة يصدر منها ما يدق عليها ... و ذلك لأنها فارغة .. لا يوجد ما يعوقها ... كذلك عقولنا كلما زاد ترديد ما نسمع بدون وعي او اعادة تعقل او تعمق في فهم اصبحنا كالطبلة .. و ذلك من الممكن ان نلحظة في كلامنا في اي موضوع ثقافي .. رياضي ... ديني ... طبي ... سياسي .. اجتماعي ... الخ ..نفس الكلام يردد على السنة الجميع في رتابه تدعو للملل و كأن الجميع اصبح مثقفا و يفهم في كل شىء و لكنها للأسف معلومات تيك اواي من عقول اخرى لا نعرف مصدريتها ... و هنا تكمن الخطورة ..

لن يكون لمجتمعاتنا نهضة حقيقية الا اذا اختفت تلك الثقافة من الوجود ... و اصبح شبابنا واع قارئ يعي ما يقول و يقول ما يعي ... يفقه و يقتنع و ينقد ... رأيه من رأسه هو ... يناقش و يتناقش ...

1 comment:

Taha said...

حمد الله على السلامه يا عم .. فين بوستاتك من زمان

الثقافه دي يا تي في يا اخويا مزيج من الجهل والخوف وحب المكسب السريع .. يا سلام لما ادوس فورورد واخد مليار حسنه وشكرا على كده ..

المشكله الاخطر واللي في صميم العقيده هي الاعتقاد ان ضر او نفع يترتب على ارسال او عدم ارسال رساله .. او ان لله - سبحانه عما يقولون - هيشرع لنا شرع جديد في اننا نبعت رساله من منام واحد مش موجود اصلا !!

الموضوع بسيط وعمك جوجل خير معين في كده لو جالك ميل في حديث او معلومه .. حطه على جوجل وشوف صحيح ولا لا.. وكفى بالمرء اثما ان يحدث بكل ما سمع


متغبش علينا يا عم فندي :D